ما أعذبَ الموسيقى التي تَسري في أوصالنا، حينَ تُهْصرُ عناقيدُ ألفاظِ القصائدِ، فهي الشّيء الذي لا يُسمّى ولا تُحاصرُه هوامشُ الشّرح، ومتونُ العباراتِ، التي بردتْ من جرّاء كثرةِ الطَرق، والمباشرة والاستهلاك .
وسحائبُ الشّعر عندما يطعنها البَرْقُ، يُنثالُ رَحيقُ أحشائها الأثير، ولكنها مع كلّ هذا الاندلاقِِ، لا تتكشّفُ ولا تتعرى، بل تظلُّ منيعةً في رَحابةِ فضاءِ المتخيّلِ اللانهائي.
إذن فما الّذي أُهريق ؟.
وماهو طعم القصائدِ فورَ شفائها من جِراح البّرق الذي يأخذُ الأبصارَ فتعشى وتعمى ! ولا بأس! مادام هنالك قنديلُ وجدٍ وضيء، في آخر دهليز القلب الذي يَرى! وما أحْلى وأروعَ ما يرى!.
خفف الوطء على أديم القصائد، التي أجنتُها السّنا والعطر والسّحر، وها يا صاحبَ الوجدِ القديمِ، إذن تَعزَّى، ليس في الشِّعر مجال للتحلَّل من فيوض الرؤى، والرّموز والأقنعة والإشارات.
وشعرنا الشّعبي، حقول من الرّوعة والتَّفرَّد والصِّدق، فهو لسان حال، على هيئة مقال عفوي، ينساب سهواً رهواً، جزلاً وطلقا.
هذا مشروع مفتوح لمحايثة الصّوت الحي في بعض أشعارنا الشّعبية، في معيّة شعراء لم تتجه نحوهم عدسات الرّصد النّقدي، بالرّغم من أنّ معظمهم أحياء بيننا، وقلّة منهم رحلوا عنّا إلى رحمة مولاهم في فترة قريبة. لهذا حرصت في هذه الدّراسة، على إيراد أغلب النّصوص كاملة، ليقف القارئ على البناء الكامل للرؤية الشّعرية عند الشّاعر الشّعبي.
محمّد الفاتح يوسف أبوعاقلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.