النقد الأدبي في متاهة اللغة
(١) محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة
***
يُعَدُّ النَّقد الفني الأدبي، مُنجزاً إبداعياً، يوازي النَّص موضوع المعالجة النَّقدية، فهو الذي بمقدوره سبر أغوار هذا النَّص، وتفكيك مبهماته، وكشف عناصر تخلقه، وفحص وتفسير جيناته الجمالية، مبيناً عناصر القوة والضعف فيها، وبهذا نعده عملاً فنياً جديداً، يرفد القارئ بضوء كاشف، (ربما) يحتاجه للتواصل الموجب مع هذا النَّص. وقد يتساءل الإنسان قائلاً: هل القارئ في حاجة ملحة لآراء النقاد، وكتاباتهم حول النصوص الأدبية، وتأويلاتهم لها؟ والتي طالب بها الفرزدق، ابن إسحق: "علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا"، فتأويل الخطاب الأدبي هو من الوظائف المحورية للنقد، ولا يكون النَّقد الفني طاقةً دافعةً، إلا إذا سعى من خلاله الناقد، إلى لغة جمالية كاشفة، خالية من المعاظلة والتغريب والتعمية، والاستعراض، يعالج بها دخيلة النَّص الأَدبي، كاشفاً عن مكنونات هذا النص، مضيئاً كهوفه المعمية المظلمة، مرتكزاً على مخزون معرفي وافر، من معارف ومهارات شتى، تؤهله لهذا الكشف. متتبعاً نشاط المخيال الأدبي في المجال الثَّقافي المحدد، ومعرفة قدرة هذا المخيال على الانتقال من مرحلة إعادة ترميم الثوابت وتبرير ديمومتها، إلى التجديد والتغيير، وإعادة صياغة هذه الثوابت على مثال يعيد تكوينه وتطويره، وربما على غير مثال.
عندما نلتفت إلى تأويل أبي بكر الصولي (ت 946 م)، صاحب (أدب الكتاب) و(أخبار أبي تمام) وغيرها، لبيت الشاعر العباسي أبي نواس (762- 814م):
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ولا تسقني سراً إذا ما أمكن الجهر
نجده يقول عن هذا البيت:
(وقل لي هي الخمر), لعزتها عنده، ومحبته لها، أراد أن يتلذذ بها بحواسه الخمس، التي هي طرق اللذات، وهي: الشم، والذوق، واللمس، والبصر، والسمع. فلما شرب القدح أبصرها، وذاقها، ومسَّها وشمَّها، فبقي أن يسمعها، فقال: وقل لي هي الخمر).
هذا شاهد على بعض سمات النزوع إلى الكشف، وإعادة قراءة النص في التراث، وفيه بذرة طيبة من بذور النقد الفني.
نجد عند الشيخ عبدالقاهر الجرجاني، استبطاناً وكشفاً لما في قول الشاعر أبي تمام، من براعة وملكة شعرية عالية:
كشفتُ قناعَ الشِّعرِ عَنْ حُرِّ وجْهِهِ وَطَيَّرتُه عَنْ وَكْرِه وهًو واقِعُ
**
وكذلك مخالفته لبعض النقَّاد، الذين وصفوا أبيات كثيرعزة، والمنسوبة أيضاً لابن الطثرية، بالضعف في تلك الفترة:
وَلَمَّا قَضَيـــنَا مِن مِنَى كًلَّ غَايةٍ
وَمَسَّحَ بالأرْكَانِ مَنْ هُو مَاسِحُ
وشُدَّت عَلَى حُدْبِ المَهَارِي رِحَالًنا
ولَمْ ينْظُر الغَادِي الَّذِي هًو رَائحُ
أَخَذْنَا بأَطْرَاف الأَحَادِيث بيننا
وسَالتْ بأعناقِ المَطِي الأباطِحُ
أرى أن كثيراً من الأقلام النقدية، تتكلف اللغة وتجهدها، وتكلفها حمولة مرهقة، وذلك بأن تجنح إلى تغريبها وتكثيفها، والتفنن في حشد أدوات النقد الغربي، ومصطلحاته وعباراته بكثافة، في تلذذ وانبهار، وتجعلها غرضاً أساسياً من أغراض كتاباتها النقدية، سعياً وراء الكسب الذاتي الضيق، فيبذل الواحد منهم في هذا العمل جهدا كبيرا، ملتفا بهذا الصنيع، حول النص، مهملا لمكنوناته، وما وراء عوالمه، التي (ربما) يلتفت إليها الأديب والقارئ، فنجدهم يغترفون مصطلحات مترجمة من كتابات النقاد الغربيين، أمثال آرنست فيشر، وهربرت ريد، وشارلي لالو، وجيروم ستولينتيز، ودى سوسير، وجاكبسون وليفي شتراوس، ورولان بارت، وشومسكي، وغيرهم .. دون فهم عميق لهذه المصطلحات، وجذورها المعرفية، ويقحمونها بكثافة في كتاباتهم النقدية
إن مثل هذا التغريب والتصنع، يبعد النقد عن مجال فاعليته، ويجعل الأدباء في حالة من القطيعة والتوتر، وعدم الرضا عن النقد الفني الفاعل، فتجدهم يعلنون خواء هذا النقد، ولا جدواه في المشهد الثقافي، الشيء الذي حدا بالأديب الروائي إبراهيم إسحق، إلى دعوة المبدعين إلى نقد تجارب بعضهم البعض، في ظل عدم فاعلية النقد الأدبي وغيابه.
الملاحظ أن الترجمات الرديئة الملغزة،لعدد من كتب النقد الأدبي الغربي، هي مما يستند عليه بعض النقاد؛ لعدم مقدرتهم على الاطلاع على هذه الكتب في لغاتها الأصلية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه المصطلحات مرجعيات متاحة، يمكن الرجوع إليها في مظان موثوق بها: مثل مصطلحات النقد الروائي للطيف زيتوني، وموسوعة المصطلح النقدي ترجمة عبدالواحد لؤلؤة، قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر، للدكتور سمير سعيد حجازي، معجم المصطلحات الأدبية، إعداد إبراهيم فتحي ..الخ. فالمعاجم والقواميس، مرجعيات لازمة، للتحقق من هذه المصطلحات، وفهم دلالاتها.
يصف أوسكار وايلد، الأديب الأيرلندي (1854-1900م) النقد الأدبي، بأنه: (فن يعالج العمل الفنِّي، كنقطة انطلاق، لخلق عمل فَنِّي جديد). فالمعالجة التي تنتج هذا الانطلاق والتجديد، لا بد لها من دعائم تستند عليها، فالتجديد ضرورة وحتمية، لا تقف أمام تياراتها حواجز. فلماذا لا يأتي هذا التجديد ليضيف إلى ساحات الأدب أنساقا لغوية جديدة، تتقبلها ذائقة الناس، ولا تنفر منها، بسبب غموضها وإرباكها لتلقيه؟.
فعندما يقول محمَّد مصطفى هدَّارة، عن أسلوب مصطفى ناصف:
"ما هذا الأسلوب بعربيّ، إنه مكتوب بلغة لا أفهمها، قد تكون البربريّة أو السنغاليّة، أو أية لغة لا أعرف منها حرفًا".
يرصد هدَّارة في كتابه (مقالات في النقد الأدبي)، الغموض والغرابة في النقد الأدبي، مشتغلاً على كتاب د. مصطفى ناصف، (الصورة الأدبية)، وهو ممن لا يشكك أحد في مقدرتهم العالية على الفهم والاستنباط والتحليل، فعندما يقول مثل هذا القول في حق عمل نقدي، كتب بلغة عربية وبأسلوب جديد منغلق تماماً. لا نجد بُداً من التساؤل: ما هو الدافع إلى هذا التوغل في متاهات الغرابة، وتكلف ما لا فائدة منه؟
إننا نجد أن الدكتور عبدالرحمن الخانجي، في قراءته لروايات الطيب صالح، قد اتبع منهجاً متماسكاً جداً، يمكنه أن يؤسس لما يردم الهوة، بين الناقد الفني والأديب. في المقاربة الفنية الدقيقة لروايات الطيِّب صالح، من خلال التَّحليل والاستنباط، وذلك بقراءة اسقاطات النَّص، وحسن التَّبويب، وتنويع زوايا النَّظر والتَّأويل، ودراسة الشخصيات، وتتبع كل خيوط السَّرد، وتقنياته عند الطيِّب صالح، مستخدما لغة شفيفة ومتماسكة ودالة، لا تخلو من جمال، ورونق فني.
إن خلو السَّاحة الثقافية من المعتركات الأدبية، وتبادل الآراء وتلاقحها، شاهد على انكفاء عدد كبير من النُّقاد على ذواتهم، وتسترهم وراء المصطلحات الحديثة، التي تتزايد، بتسارع مهول، تبعاً لتطور الحياة ومنجزات الفكر الإنساني، في شتى مناحي المعارف، يتبادلونها بينهم، فرحين ومنبهرين بها، لجدتها وحداثتها، ظناً منهم بأنها كفيلة بأن تكسبهم مكانة عند الأدباء والقراء. ونلحظ أن عدداً كبيراً من النقاد يجاملون كُتَّاب الرِّواية، فلا يبدون لهم العيوب التي تكتنف نصوصهم، بل يكيلون لهم المدح والتَّقريظ، وعندهم من الألفاظ ما يعينهم على هذه المجاملة المفسدة.
إن التأليف النقدي عند إدوارد خراط، الأديب المصري (1926-2015م)، يحتاج إلى: (مغامرة واقتحام وتوسيع أفق)، وبخاصة عندما نقف في السَّرد الرِّوائي على بروز الروايات العابرة للحكاية، التي يتداخل ويتماهى فيها الواقعي مع المتخيل، والحقيقي مع السِّحري، وتضمر فيها فكرة الحبكة، وتكاد تنسحب تماماً، وتتماس مع السَّرد الذَّاتي والتاريخي. في مثل هذا التخلق الجديد للأدب الروائي، لا بد من أدوات نقد جديدة، تستوعب هذا التجديد، وتأتي بلغة تتسق مع تلك الجدة، ولا يبرر هذا أن تأتي اللغة الجديدة نشازاً، على غير دعائم تسندها، فتسهم في نفور القارئ، ولا تفيد الأديب أي فائدة.
يسعى النقد منذ زمن قديم لإفساح المجال للأديب، ليعبر عن رؤاه، دون قيود، فهذا هو الفيلسوف
أرسطو، يفصل بين الفنون والآداب، والسياسة والأخلاق:
:we should not judge literature in ethical or political terms; rather, literature occupies a sphere that is separate from that of ethics and politics. Good literature is a matter of technique and form, and should not be assessed in terms of political correctness. Literature inhabits an aesthetic sphere that has its own rules and standards"
للأدب أدواته الخاصة، وآلياته التي ترتكز على الخيال والرؤى الذاتية، والأحلام التي تعيد صياغة الأشياء والوقائع.
لماذا لا يتأمل النقاد ما كتبه الناقد عبد القدوس الخاتم، عن رواية المسكوت عنه الجريئة (الحنق) لشوقي بدري، وكشفه اللطيف لعوالمها في لغة مرنة، عذبة ودالة، ورده على من وصف لغة شوقي بدري بالجموح، وكيف كان تبريره لهذا الجموح.
تتحدد الاتجاهات النقدية عند الدكتور زكي نجيب محمود، في ثلاثة عناصر:
- البحث عن العوامل النفسية الكامنة في النص.
- البحث عن الانزياحات الخارجية للنص.
- الغوص في العمل الفني لكشف وتحليل عناصره.
وثلاثتها عناصر مهمة وضرورية لمدارسة النص ونقده، غير أن زكي نجيب يميل إلى الاتجاه الأخير، معولاً على جوانية النص، لأن في مقدورها البوح بكل خباياه، التي لا تتكشف لنا عند القراءات العجلى. وهذا رأي صائب، و(كلُّ الصَّيد في جَوفِ الفرا)، وعلى النَّاقد أن يحفر حفراً عميقاً في النصوص، التي يعالجها، ولا يستدعي المصطلحات جزافاً، ليلبسها للنصوص، مع الانتباه للغة التي يستخدمها في حفره هذا، ويتسق نظره هذا مع رأي د.عفيف بهنسي، عن النَّقد الفنِّي:
"النَّقد الفنِّي وصف وتفسير، وتقييم العمل الفني، للحكم على قيمته الجمالية، وجودة إنتاجه الفني"،
وصف وتفسير وتقييم بهذا التدرج، للوصول إلى مقاربة تضيء للقارىء جوانب النص، وتعد تخلقاً جديداً لهذا النص. وعند التفاتنا إلى تعريف ماهية الناقد قديماً، نجد أنه يشار إليه باللفظ الإغريقي Kritikos، وذلك قبل القرن الرابع الميلادي، ويعني هذا اللفظ أن الناقد هو الذي يصدر حكماً على الفن. فكيف للناقد أن يحكم على عمل فني، إن لم يحسن النَّظر، والغوص في هذا النص، موضحاً ومفسراً، وكاشفاً لبنيته وعتباته، ومجمل خصائص السَّرد فيه، كاللغة التي وظَّفها لتصوير الأزمنة والأمكنة، والشُّخوص والمواقف الإنسانية، والوقائع الوجودية التي تلف الأشياء، وتتفاعل معها تأثراً وتأثيراً ...الخ.
تعتبر اللغة التي يعالج بها الناقد الفني النصوص الأدبية، عاملاً أساسياً في تحقق أهداف النقد، وإكسابه قوة الدفع العالية، التي ترفد الأدب وتغذي أوردته وشرايينه، بدماء نقية، تعينه على الحيوية والتطور.
وتحتاج هذه اللغة إلى مدارسة فنية حصيفة تنظر إلى معاني الكلمات والتي رصد د. أحمد مختار عمر أنواعها، في النقاط التالية:
- المعني الأساسي، المركزي، الأولي.
- المعنى الإضافي، العرضي، الثانوي، التضميني.
- المعنى الأسلوبي.
- المعنى النفسي.
- المعنى الإيحائي.
فعندما يبحث الناقد ويجتهد، ليبرز هذه الأنواع في نص الأديب، يكون قد أمسك بخيوط مهمة في النص المعين.
عندما يصرِّح مالا رميه الانطباعي بقوله:
"إن القصيدة لا تتألف من أفكار بل كلمات"، يسقط بهذا القول كل ثقله على الكلمات، والتي تكسب القصيدة شاعريتها، رغم وظيفتها كمحمل لهذه الأفكار.
نجد أن د. مختار عجوبة في دراسته للقصة الحديثة في السودان، والتي نشرت عام (1972م)، يذكر في حوار معه في عام 2010م، أن القصة السودانية لا زالت تعاني من ضعف في اللغة، وتفتقر فنيا إلى العفوية والطلاقة، الشيء الذي لم يكن موجودا في قصص الثلاثينيات، وما تلتها من سنوات.
تعافت روايات الروائي السوداني علي أحمد الرفاعي، المولود عام (1948م)، من عيوب اللغة وتشوهاتها، خلافا لعدد كبير من كتاب الرواية السودانية في عصرنا هذا، وزينها كاتبها بالضبط بالشكل، وهو مجهود يعلي من شأن النص، ويدلل على حفاوة الروائي، الكاتب، المترجم والمعلم الروائي علي الرفاعي بلغة السرد، فجاءت رواياته:
الشمس تغيب الي أعلى، الطاحونة. النيل يعبر إلى الضفّة الأخرى، قبيلة من وراء خط الأفق، كي لا يستيقظ النمل، شبابيك الوجه الآخر.وجينات عائلة ميرو.
وكلها روايات توفر لها قدر كبير من النضج الفني واللغوي، مما أهل بعضها للحصول على جوائز كبرى.
***
إن توظيف الروائي لتقنيات السرد الحديثة، شيء ضروري للخروج من رتابة اللغة، والسَّرد التقليدي، الذي أصبح مذاقه ماسخاً. فنجده يعمد إلى:
الاختصار والتكثيف، والشاعرية العالية. وتفتيت الزمن، وتعدد الأصوات، والفلاش باك والغرائبية،
والعجائبي وأسطرة الرواية، والفنتازيا والعبثية وتخطي حواجز الزمان والمكان. وفي هذا إثراء لتقنية الرواية وتفجير لطاقاتها وجمالياتها.
إنني أتفق تماماً مع عبدالرحمن منيف في قوله: (التقنيات الغربية لوحدها لا تؤدي إلى الحداثة الروائية)، فتراثنا العربي الأفريقي، غني جداً، ويمكن أن تتفتق منه تقنيات، تبدعها الذهنية الخلاقة للروائي السوداني، دون الوقوف عند تقليدها واجترارها. وذلك لأن اللغة عند الأديب تكون في أحايين كثيرة مثيرة للاهتمام، ومضللة ومربكة، لأنها تتماس مع تخصصات أخرى، مثل علم النفس، وعلم الاجتماع، والمنطق والفلسفة والأنثروبولوجيا...الخ.
"It seems that language tends to be intriguing, deceptive and at time baffling, if the writer is really honest and serious about his/her work and the original conceptualizations before turning to the blank sheet. What complicates this topic is that language always has something to with other adjacent disciplines such as psychology, sociology, logic,
philosophy, anthropology...etc."
***
تصبح عملية الإبداع الفني التي ينجزها الأديب عملية معقدةً وشاقةً، عند النظر إليها بدون استصحاب التخصصات والمعارف المختلفة التي تتماس معها، فهي نتاج هضم وتمثل تام لما في وعي ولا وعي الأديب، وبمقدور الناقد صاحب المعرفة الواسعة المتنوعة، والمتصالح مع اللغة ومآلاتها، أن ينتج نقداً يضيف إلى الثقافة الإنسانية بعداً جديداً.
رحم الله محمود درويش الذي ذكر أن حداثة الشعر لا تعني هدم قواعد اللغة وإرثها المعرفي.
****
محمَّد الفاتح يوسف أبوعاقلة.
(((***(((***(((
- علم الدلالة: د. أحمد مختار عمر, عالم الكتب, القاهرة، الطبعة الخامسة 1998م.
- قراءة جديدة في روايات الطيب صالح / عبد الرحمن الخانجي–أم درمان : دار جامعة أم درمان الإسلامية ، 1983 . - 95 .ص
- (أسرار البلاغة)، عبد القاهر الجرجاني، .تحقيق محمود شاكر، مكتبة الخانحي، . ١٩٩١م .. ص 16)
- د. عفيف بهنسي، النقد الفني وقراءة الصورة، دار الكتاب العربي 1997م.
- د. مختار عجوبة، القصة الحديثة في السودان، القاهرة: مركز الدراسات السودانيةالطبعة الثانية 2000 م.
- Vol. 2, No. 2, 2011, pp. 70-79
www.cscanada.org
Sabbar S. Sultan
- (Andrea Nightingale. “Mimesis: ancient Greek literary theory” in Patricia Waugh, ed. Literary Theory and Criticism: AnOxford Guide. Oxford: Oxford University Press, 2006, p. 40.)
(١) محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة
***
يُعَدُّ النَّقد الفني الأدبي، مُنجزاً إبداعياً، يوازي النَّص موضوع المعالجة النَّقدية، فهو الذي بمقدوره سبر أغوار هذا النَّص، وتفكيك مبهماته، وكشف عناصر تخلقه، وفحص وتفسير جيناته الجمالية، مبيناً عناصر القوة والضعف فيها، وبهذا نعده عملاً فنياً جديداً، يرفد القارئ بضوء كاشف، (ربما) يحتاجه للتواصل الموجب مع هذا النَّص. وقد يتساءل الإنسان قائلاً: هل القارئ في حاجة ملحة لآراء النقاد، وكتاباتهم حول النصوص الأدبية، وتأويلاتهم لها؟ والتي طالب بها الفرزدق، ابن إسحق: "علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا"، فتأويل الخطاب الأدبي هو من الوظائف المحورية للنقد، ولا يكون النَّقد الفني طاقةً دافعةً، إلا إذا سعى من خلاله الناقد، إلى لغة جمالية كاشفة، خالية من المعاظلة والتغريب والتعمية، والاستعراض، يعالج بها دخيلة النَّص الأَدبي، كاشفاً عن مكنونات هذا النص، مضيئاً كهوفه المعمية المظلمة، مرتكزاً على مخزون معرفي وافر، من معارف ومهارات شتى، تؤهله لهذا الكشف. متتبعاً نشاط المخيال الأدبي في المجال الثَّقافي المحدد، ومعرفة قدرة هذا المخيال على الانتقال من مرحلة إعادة ترميم الثوابت وتبرير ديمومتها، إلى التجديد والتغيير، وإعادة صياغة هذه الثوابت على مثال يعيد تكوينه وتطويره، وربما على غير مثال.
عندما نلتفت إلى تأويل أبي بكر الصولي (ت 946 م)، صاحب (أدب الكتاب) و(أخبار أبي تمام) وغيرها، لبيت الشاعر العباسي أبي نواس (762- 814م):
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ولا تسقني سراً إذا ما أمكن الجهر
نجده يقول عن هذا البيت:
(وقل لي هي الخمر), لعزتها عنده، ومحبته لها، أراد أن يتلذذ بها بحواسه الخمس، التي هي طرق اللذات، وهي: الشم، والذوق، واللمس، والبصر، والسمع. فلما شرب القدح أبصرها، وذاقها، ومسَّها وشمَّها، فبقي أن يسمعها، فقال: وقل لي هي الخمر).
هذا شاهد على بعض سمات النزوع إلى الكشف، وإعادة قراءة النص في التراث، وفيه بذرة طيبة من بذور النقد الفني.
نجد عند الشيخ عبدالقاهر الجرجاني، استبطاناً وكشفاً لما في قول الشاعر أبي تمام، من براعة وملكة شعرية عالية:
كشفتُ قناعَ الشِّعرِ عَنْ حُرِّ وجْهِهِ وَطَيَّرتُه عَنْ وَكْرِه وهًو واقِعُ
**
وكذلك مخالفته لبعض النقَّاد، الذين وصفوا أبيات كثيرعزة، والمنسوبة أيضاً لابن الطثرية، بالضعف في تلك الفترة:
وَلَمَّا قَضَيـــنَا مِن مِنَى كًلَّ غَايةٍ
وَمَسَّحَ بالأرْكَانِ مَنْ هُو مَاسِحُ
وشُدَّت عَلَى حُدْبِ المَهَارِي رِحَالًنا
ولَمْ ينْظُر الغَادِي الَّذِي هًو رَائحُ
أَخَذْنَا بأَطْرَاف الأَحَادِيث بيننا
وسَالتْ بأعناقِ المَطِي الأباطِحُ
أرى أن كثيراً من الأقلام النقدية، تتكلف اللغة وتجهدها، وتكلفها حمولة مرهقة، وذلك بأن تجنح إلى تغريبها وتكثيفها، والتفنن في حشد أدوات النقد الغربي، ومصطلحاته وعباراته بكثافة، في تلذذ وانبهار، وتجعلها غرضاً أساسياً من أغراض كتاباتها النقدية، سعياً وراء الكسب الذاتي الضيق، فيبذل الواحد منهم في هذا العمل جهدا كبيرا، ملتفا بهذا الصنيع، حول النص، مهملا لمكنوناته، وما وراء عوالمه، التي (ربما) يلتفت إليها الأديب والقارئ، فنجدهم يغترفون مصطلحات مترجمة من كتابات النقاد الغربيين، أمثال آرنست فيشر، وهربرت ريد، وشارلي لالو، وجيروم ستولينتيز، ودى سوسير، وجاكبسون وليفي شتراوس، ورولان بارت، وشومسكي، وغيرهم .. دون فهم عميق لهذه المصطلحات، وجذورها المعرفية، ويقحمونها بكثافة في كتاباتهم النقدية
إن مثل هذا التغريب والتصنع، يبعد النقد عن مجال فاعليته، ويجعل الأدباء في حالة من القطيعة والتوتر، وعدم الرضا عن النقد الفني الفاعل، فتجدهم يعلنون خواء هذا النقد، ولا جدواه في المشهد الثقافي، الشيء الذي حدا بالأديب الروائي إبراهيم إسحق، إلى دعوة المبدعين إلى نقد تجارب بعضهم البعض، في ظل عدم فاعلية النقد الأدبي وغيابه.
الملاحظ أن الترجمات الرديئة الملغزة،لعدد من كتب النقد الأدبي الغربي، هي مما يستند عليه بعض النقاد؛ لعدم مقدرتهم على الاطلاع على هذه الكتب في لغاتها الأصلية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه المصطلحات مرجعيات متاحة، يمكن الرجوع إليها في مظان موثوق بها: مثل مصطلحات النقد الروائي للطيف زيتوني، وموسوعة المصطلح النقدي ترجمة عبدالواحد لؤلؤة، قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر، للدكتور سمير سعيد حجازي، معجم المصطلحات الأدبية، إعداد إبراهيم فتحي ..الخ. فالمعاجم والقواميس، مرجعيات لازمة، للتحقق من هذه المصطلحات، وفهم دلالاتها.
يصف أوسكار وايلد، الأديب الأيرلندي (1854-1900م) النقد الأدبي، بأنه: (فن يعالج العمل الفنِّي، كنقطة انطلاق، لخلق عمل فَنِّي جديد). فالمعالجة التي تنتج هذا الانطلاق والتجديد، لا بد لها من دعائم تستند عليها، فالتجديد ضرورة وحتمية، لا تقف أمام تياراتها حواجز. فلماذا لا يأتي هذا التجديد ليضيف إلى ساحات الأدب أنساقا لغوية جديدة، تتقبلها ذائقة الناس، ولا تنفر منها، بسبب غموضها وإرباكها لتلقيه؟.
فعندما يقول محمَّد مصطفى هدَّارة، عن أسلوب مصطفى ناصف:
"ما هذا الأسلوب بعربيّ، إنه مكتوب بلغة لا أفهمها، قد تكون البربريّة أو السنغاليّة، أو أية لغة لا أعرف منها حرفًا".
يرصد هدَّارة في كتابه (مقالات في النقد الأدبي)، الغموض والغرابة في النقد الأدبي، مشتغلاً على كتاب د. مصطفى ناصف، (الصورة الأدبية)، وهو ممن لا يشكك أحد في مقدرتهم العالية على الفهم والاستنباط والتحليل، فعندما يقول مثل هذا القول في حق عمل نقدي، كتب بلغة عربية وبأسلوب جديد منغلق تماماً. لا نجد بُداً من التساؤل: ما هو الدافع إلى هذا التوغل في متاهات الغرابة، وتكلف ما لا فائدة منه؟
إننا نجد أن الدكتور عبدالرحمن الخانجي، في قراءته لروايات الطيب صالح، قد اتبع منهجاً متماسكاً جداً، يمكنه أن يؤسس لما يردم الهوة، بين الناقد الفني والأديب. في المقاربة الفنية الدقيقة لروايات الطيِّب صالح، من خلال التَّحليل والاستنباط، وذلك بقراءة اسقاطات النَّص، وحسن التَّبويب، وتنويع زوايا النَّظر والتَّأويل، ودراسة الشخصيات، وتتبع كل خيوط السَّرد، وتقنياته عند الطيِّب صالح، مستخدما لغة شفيفة ومتماسكة ودالة، لا تخلو من جمال، ورونق فني.
إن خلو السَّاحة الثقافية من المعتركات الأدبية، وتبادل الآراء وتلاقحها، شاهد على انكفاء عدد كبير من النُّقاد على ذواتهم، وتسترهم وراء المصطلحات الحديثة، التي تتزايد، بتسارع مهول، تبعاً لتطور الحياة ومنجزات الفكر الإنساني، في شتى مناحي المعارف، يتبادلونها بينهم، فرحين ومنبهرين بها، لجدتها وحداثتها، ظناً منهم بأنها كفيلة بأن تكسبهم مكانة عند الأدباء والقراء. ونلحظ أن عدداً كبيراً من النقاد يجاملون كُتَّاب الرِّواية، فلا يبدون لهم العيوب التي تكتنف نصوصهم، بل يكيلون لهم المدح والتَّقريظ، وعندهم من الألفاظ ما يعينهم على هذه المجاملة المفسدة.
إن التأليف النقدي عند إدوارد خراط، الأديب المصري (1926-2015م)، يحتاج إلى: (مغامرة واقتحام وتوسيع أفق)، وبخاصة عندما نقف في السَّرد الرِّوائي على بروز الروايات العابرة للحكاية، التي يتداخل ويتماهى فيها الواقعي مع المتخيل، والحقيقي مع السِّحري، وتضمر فيها فكرة الحبكة، وتكاد تنسحب تماماً، وتتماس مع السَّرد الذَّاتي والتاريخي. في مثل هذا التخلق الجديد للأدب الروائي، لا بد من أدوات نقد جديدة، تستوعب هذا التجديد، وتأتي بلغة تتسق مع تلك الجدة، ولا يبرر هذا أن تأتي اللغة الجديدة نشازاً، على غير دعائم تسندها، فتسهم في نفور القارئ، ولا تفيد الأديب أي فائدة.
يسعى النقد منذ زمن قديم لإفساح المجال للأديب، ليعبر عن رؤاه، دون قيود، فهذا هو الفيلسوف
أرسطو، يفصل بين الفنون والآداب، والسياسة والأخلاق:
:we should not judge literature in ethical or political terms; rather, literature occupies a sphere that is separate from that of ethics and politics. Good literature is a matter of technique and form, and should not be assessed in terms of political correctness. Literature inhabits an aesthetic sphere that has its own rules and standards"
للأدب أدواته الخاصة، وآلياته التي ترتكز على الخيال والرؤى الذاتية، والأحلام التي تعيد صياغة الأشياء والوقائع.
لماذا لا يتأمل النقاد ما كتبه الناقد عبد القدوس الخاتم، عن رواية المسكوت عنه الجريئة (الحنق) لشوقي بدري، وكشفه اللطيف لعوالمها في لغة مرنة، عذبة ودالة، ورده على من وصف لغة شوقي بدري بالجموح، وكيف كان تبريره لهذا الجموح.
تتحدد الاتجاهات النقدية عند الدكتور زكي نجيب محمود، في ثلاثة عناصر:
- البحث عن العوامل النفسية الكامنة في النص.
- البحث عن الانزياحات الخارجية للنص.
- الغوص في العمل الفني لكشف وتحليل عناصره.
وثلاثتها عناصر مهمة وضرورية لمدارسة النص ونقده، غير أن زكي نجيب يميل إلى الاتجاه الأخير، معولاً على جوانية النص، لأن في مقدورها البوح بكل خباياه، التي لا تتكشف لنا عند القراءات العجلى. وهذا رأي صائب، و(كلُّ الصَّيد في جَوفِ الفرا)، وعلى النَّاقد أن يحفر حفراً عميقاً في النصوص، التي يعالجها، ولا يستدعي المصطلحات جزافاً، ليلبسها للنصوص، مع الانتباه للغة التي يستخدمها في حفره هذا، ويتسق نظره هذا مع رأي د.عفيف بهنسي، عن النَّقد الفنِّي:
"النَّقد الفنِّي وصف وتفسير، وتقييم العمل الفني، للحكم على قيمته الجمالية، وجودة إنتاجه الفني"،
وصف وتفسير وتقييم بهذا التدرج، للوصول إلى مقاربة تضيء للقارىء جوانب النص، وتعد تخلقاً جديداً لهذا النص. وعند التفاتنا إلى تعريف ماهية الناقد قديماً، نجد أنه يشار إليه باللفظ الإغريقي Kritikos، وذلك قبل القرن الرابع الميلادي، ويعني هذا اللفظ أن الناقد هو الذي يصدر حكماً على الفن. فكيف للناقد أن يحكم على عمل فني، إن لم يحسن النَّظر، والغوص في هذا النص، موضحاً ومفسراً، وكاشفاً لبنيته وعتباته، ومجمل خصائص السَّرد فيه، كاللغة التي وظَّفها لتصوير الأزمنة والأمكنة، والشُّخوص والمواقف الإنسانية، والوقائع الوجودية التي تلف الأشياء، وتتفاعل معها تأثراً وتأثيراً ...الخ.
تعتبر اللغة التي يعالج بها الناقد الفني النصوص الأدبية، عاملاً أساسياً في تحقق أهداف النقد، وإكسابه قوة الدفع العالية، التي ترفد الأدب وتغذي أوردته وشرايينه، بدماء نقية، تعينه على الحيوية والتطور.
وتحتاج هذه اللغة إلى مدارسة فنية حصيفة تنظر إلى معاني الكلمات والتي رصد د. أحمد مختار عمر أنواعها، في النقاط التالية:
- المعني الأساسي، المركزي، الأولي.
- المعنى الإضافي، العرضي، الثانوي، التضميني.
- المعنى الأسلوبي.
- المعنى النفسي.
- المعنى الإيحائي.
فعندما يبحث الناقد ويجتهد، ليبرز هذه الأنواع في نص الأديب، يكون قد أمسك بخيوط مهمة في النص المعين.
عندما يصرِّح مالا رميه الانطباعي بقوله:
"إن القصيدة لا تتألف من أفكار بل كلمات"، يسقط بهذا القول كل ثقله على الكلمات، والتي تكسب القصيدة شاعريتها، رغم وظيفتها كمحمل لهذه الأفكار.
نجد أن د. مختار عجوبة في دراسته للقصة الحديثة في السودان، والتي نشرت عام (1972م)، يذكر في حوار معه في عام 2010م، أن القصة السودانية لا زالت تعاني من ضعف في اللغة، وتفتقر فنيا إلى العفوية والطلاقة، الشيء الذي لم يكن موجودا في قصص الثلاثينيات، وما تلتها من سنوات.
تعافت روايات الروائي السوداني علي أحمد الرفاعي، المولود عام (1948م)، من عيوب اللغة وتشوهاتها، خلافا لعدد كبير من كتاب الرواية السودانية في عصرنا هذا، وزينها كاتبها بالضبط بالشكل، وهو مجهود يعلي من شأن النص، ويدلل على حفاوة الروائي، الكاتب، المترجم والمعلم الروائي علي الرفاعي بلغة السرد، فجاءت رواياته:
الشمس تغيب الي أعلى، الطاحونة. النيل يعبر إلى الضفّة الأخرى، قبيلة من وراء خط الأفق، كي لا يستيقظ النمل، شبابيك الوجه الآخر.وجينات عائلة ميرو.
وكلها روايات توفر لها قدر كبير من النضج الفني واللغوي، مما أهل بعضها للحصول على جوائز كبرى.
***
إن توظيف الروائي لتقنيات السرد الحديثة، شيء ضروري للخروج من رتابة اللغة، والسَّرد التقليدي، الذي أصبح مذاقه ماسخاً. فنجده يعمد إلى:
الاختصار والتكثيف، والشاعرية العالية. وتفتيت الزمن، وتعدد الأصوات، والفلاش باك والغرائبية،
والعجائبي وأسطرة الرواية، والفنتازيا والعبثية وتخطي حواجز الزمان والمكان. وفي هذا إثراء لتقنية الرواية وتفجير لطاقاتها وجمالياتها.
إنني أتفق تماماً مع عبدالرحمن منيف في قوله: (التقنيات الغربية لوحدها لا تؤدي إلى الحداثة الروائية)، فتراثنا العربي الأفريقي، غني جداً، ويمكن أن تتفتق منه تقنيات، تبدعها الذهنية الخلاقة للروائي السوداني، دون الوقوف عند تقليدها واجترارها. وذلك لأن اللغة عند الأديب تكون في أحايين كثيرة مثيرة للاهتمام، ومضللة ومربكة، لأنها تتماس مع تخصصات أخرى، مثل علم النفس، وعلم الاجتماع، والمنطق والفلسفة والأنثروبولوجيا...الخ.
"It seems that language tends to be intriguing, deceptive and at time baffling, if the writer is really honest and serious about his/her work and the original conceptualizations before turning to the blank sheet. What complicates this topic is that language always has something to with other adjacent disciplines such as psychology, sociology, logic,
philosophy, anthropology...etc."
***
تصبح عملية الإبداع الفني التي ينجزها الأديب عملية معقدةً وشاقةً، عند النظر إليها بدون استصحاب التخصصات والمعارف المختلفة التي تتماس معها، فهي نتاج هضم وتمثل تام لما في وعي ولا وعي الأديب، وبمقدور الناقد صاحب المعرفة الواسعة المتنوعة، والمتصالح مع اللغة ومآلاتها، أن ينتج نقداً يضيف إلى الثقافة الإنسانية بعداً جديداً.
رحم الله محمود درويش الذي ذكر أن حداثة الشعر لا تعني هدم قواعد اللغة وإرثها المعرفي.
****
محمَّد الفاتح يوسف أبوعاقلة.
(((***(((***(((
- علم الدلالة: د. أحمد مختار عمر, عالم الكتب, القاهرة، الطبعة الخامسة 1998م.
- قراءة جديدة في روايات الطيب صالح / عبد الرحمن الخانجي–أم درمان : دار جامعة أم درمان الإسلامية ، 1983 . - 95 .ص
- (أسرار البلاغة)، عبد القاهر الجرجاني، .تحقيق محمود شاكر، مكتبة الخانحي، . ١٩٩١م .. ص 16)
- د. عفيف بهنسي، النقد الفني وقراءة الصورة، دار الكتاب العربي 1997م.
- د. مختار عجوبة، القصة الحديثة في السودان، القاهرة: مركز الدراسات السودانيةالطبعة الثانية 2000 م.
- Vol. 2, No. 2, 2011, pp. 70-79
www.cscanada.org
Sabbar S. Sultan
- (Andrea Nightingale. “Mimesis: ancient Greek literary theory” in Patricia Waugh, ed. Literary Theory and Criticism: AnOxford Guide. Oxford: Oxford University Press, 2006, p. 40.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.